{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31)}{وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ} أخذ في بيان حال المؤمنين بعد بيان حال الكافرين؛ وهو عطف على {نفخ} [ق: 20] أي قربت للمتقين عن الكفر والمعاصي {غَيْرَ بَعِيدٍ} أي في مكان غير بعيد رأى منهم بين يديهم وفهي مبالغة ليست في التخلية عن الظرف فغير بعيد صفة لظرف متعلق بأزلفت حذف فقام مقام وانتصب انتصابه، ولذلك لم يقل غير بعيدة، وجوز أن يكون منصوبًا على المصدرية والأصل وأزلفت إزلافًا غير بعيد، قال الإمام: أي عن قدرتنا وإن يكون حالًا من الجنة قصد به التوكيد كما تقول: عزيز غير ذليل لأن العزة تنافي الذل ونفي مضاد الشيء تأكيد إثباته، وفيه دفع توهم أن ثم تجوزا أو شوبا من الضد ولم يقل: غير بعيدة عليه قيل: لتأويل الجنة بالبستان، وقيل: لأن البعيد على زنة المصدر الذي من شأنه أن يستوي فيه المؤنث والمذكر كالزئير والصليل فعومل معاملته وأجرى مجراه، وقيل: لأن فعيلًا عنى فاعل قد يجري مجرى فعيل عنى مفعول فيستوي فيه الأمران، وللإمام في تقريب الجنة أوجه. منها طي المسافة التي بينها وبين المتقين مع بقاء كل في مكانه وعدم انتقاله عنه ولكرامة المتقين قيل: {أُزْلِفَتْ الجنة لِلْمُتَّقِينَ} دون وأزلف المتقون للجنة، ومنها أن المراد تقريب حصولها والدخول فيها دون التقريب المكاني، وفيه ما فيه، ومنها أن التقريب على ظاهره والله عز وجل قادر على نقل الجنة من السماء إلى الأرض أي إلى جهة السفل أو الأرض المعروفة بعد مدها، وقول بعض: إن المرا إظهارها قريبة منها على نحو إظهارها للنبي صلى الله عليه وسلم في عرض حائط مسجده الشريف على ما فيه منزع صوفي.